أموالكم) كلها في الصدفة، وإن أوجب عليكم الزكاة في بعض أموالكم، عن سفيان بن عيينة والجبائي. وقيل: لا يسألكم أموالكم، لأن الأموال كلها لله، فهو أملك لها، وهو المنعم بإعطائها. وقيل: لا يسألكم الرسول على أداء الرسالة أموالكم أن تدفعوها إليه.
(إن يسألكموها فيحفكم) أي يجهدكم بمسألة جميعها (تبخلوا) بها فلا تعطوها أي: إن يسألكم جميع ما في أيديكم تبخلوا. وقيل: فيحفكم أي فيلطف في السؤال بأن يعد عليه الثواب الجزيل، عن أبي مسلم. (ويخرج أضغانكم) أي ويظهر بغضكم وعداوتكم لله ورسوله، ولكنه فرض عليكم ربع العشر. قال قتادة:
علم الله أن في مسألة الأموال خروج الأضغان وهي الأحقاد التي في القلوب، والعداوات الباطنة (ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله) يعني ما فرض عليهم في أموالهم أي: إنما تؤمرون باخراج ذلك، وإنفاقه في طاعة الله.
(فمنكم من يبخل) بما فرض عليه من الزكاة (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه) لأنه يحرمها مثوبة جسيمة، ويلزمها عقوبة عظيمة. وهذه إشارة إلى أن معطي المال أحوج إليه من الفقير الآخذ. فبخله بخل على نفسه، وذلك أشد البخل. قال مقاتل: إنما يبخل بالخير والفضل في الآخرة عن نفسه. وقيل: معناه فإنما يبخل بداع عن نفسه، يدعوه إلى البخل، فإن الله تعالى نهى عن البخل وذمه، فلا يكون البخل بداع من جهته (والله الغني) عما عندكم من الأموال (وأنتم الفقراء) إلى ما عند الله من الخير والرحمة أي: لا يأمركم بالإنفاق لحاجته، ولكن لتنتفعوا به في الآخرة.
(وإن تتولوا) أي تعرضوا عن طاعته، وعن أمر رسوله. (يستبدل قوما غيركم) أمثل وأطوع لله منكم (ثم لا يكونوا أمثالكم) بل يكونوا خيرا منكم وأطوع لله. وروى أبو هريرة أن ناسا من أصحاب رسول الله (ص) قالوا: يا رسول الله! من هؤلاء الذين ذكر الله في كتابه، وكان سلمان إلى جنب رسول الله (ص). فضرب بيده على فخذ سلمان فقال: (هذا وقومه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس) وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: إن تتولوا يا معشر العرب، يستبدل قوما غيركم، يعني الموالي. وعن أبي عبد الله (ع) قال:
قد والله أبدل بهم خيرا منهم الموالي.