بعذاب أليم (8) وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين (9) من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم (10).
القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير حفص والأعشى والبرجمي وابن عامر ويعقوب:
(تؤمنون) بالتاء. والباقون بالياء.
الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ بالياء أن قبله غيبة، وهو قوله: (لقوم يؤمنون). ومن قرأ بالتاء: فالتقدير: قل لهم فبأي حديث بعد ذلك تؤمنون.
المعنى: لما قدم سبحانه ذكر الأدلة، عقب ذلك بالوعيد لمن أعرض عنها، ولم يتفكر فيها، فقال: (تلك آيات الله) أي ما ذكرناه أدلة الله التي نصبها لخلقه المكلفين. (نتلوها عليك) أي نقرأها عليك يا محمد لتقرأها عليهم (بالحق) دون الباطل. والتلاوة: الإتيان بالثاني في أثر الأول في القراءة. والحق الذي تتلى به الآيات هو كلام مدلوله على ما هو به في جميع أنواعه. (فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون) معناه: إن هؤلاء الكفار إن لم يصدقوا بما تلوناه عليك، فبأي حديث بعد حديث الله، وهو القرآن وآياته، يصدقون، وبأي كلام ينتفعون. وهذا إشارة إلى أن المعاند لا حيلة له. والفرق بين الحديث الذي هو القرآن، وبين الآيات أن الحديث قصص يستخرج منه الحق من الباطل، والآيات هي الأدلة الفاصلة بين الصحيح والفاسد.
(ويل لكل أفاك أثيم) الأفاك: الفعال من الإفك، وهو الكذب، ويطلق ذلك على من يكثر كذبه، أو يعظم كذبه، وإن كان في خبر واحد ككذب مسيلمة في ادعاء النبوة. والأثيم ذو الإثم وهو صاحب المعصية التي يستحق بها العقاب. والويل:
كلمة وعيد يتلقى بها الكفار. وقيل: هو واد سائل من صديد جهنم. ثم وصف سبحانه الأفاك الأثيم بقوله: (يسمع آيات الله تتلى عليه) أي يسمع آيات القرآن التي فيها الحجة، تقرأ عليه (ثم يصر مستكبرا) أي يقيم على كفره وباطله، متعظما عند نفسه عن الانقياد للحق. (كأن لم يسمعها) أصلا في عدم القبول لها، والاعتبار بها (فبشره بعذاب أليم) أي مؤلم.