أمين) أمنوا فيه الغير من الموت والحوادث. وقيل: أمنوا فيه من الشيطان والأحزان، عن قتادة (في جنات وعيون) أي بساتين وعيون ماء نابعة فيها (يلبسون من سندس وإستبرق) خاطب العرب فوعدهم من الثياب بما عظم عندهم، واشتهته أنفسهم.
وقيل: السندس ما يلبسونه، والإستبرق ما يفترشونه. (متقابلين) في المجالس، لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض، بل يقابل بعضا. وقيل: معناه متقابلين بالمحبة، لا متدابرين بالبغضة (كذلك) حال أهل الجنة (وزوجناهم بحور عين) قال الأخفش:
المراد به التزويج المعروف، يقال: زوجته امرأة وبامرأة. وقال غيره: لا يكون في الجنة تزويج، والمعنى: وقرناهم بحور عين.
(يدعون فيها بكل فاكهة آمنين) أي يستدعون فيها أي ثمرة شاؤوا واشتهوا، غير خائفين فوتها، آمنين من نفادها ومضرتها. وقيل. آمنين من التخم والأسقام والأوجاع. (لا يذوقون فيها الموت) شبه الموت بالطعام الذي يذاق، ويتكره عند المذاق. ثم نفى أن يكون ذلك في الجنة، وإنما خصهم بأنهم لا يذوقون الموت مع أن جميع أهل الآخرة لا يذوقون الموت، لما في ذلك من البشارة لهم بالحياة الهنيئة في الجنة، فأما من يكون فيما هو كالموت في الشدة، فإنه لا يطلق له هذه الصفة، لأنه يموت موتات كثيرة بما يقاسيه من العقوبة. (إلا الموتة الأولى) قيل: معناه بعد الموتة الأولى. وقيل: معناه لكن الموتة الأولى قد ذاقوها. وقيل. سوى الموتة الأولى، وقد بينا ما عندنا فيه.
(ووقاهم عذاب الجحيم) أي فصرف عنهم عذاب النار. استدلت المعتزلة بهذا على أن الفاسق الملي لا يخرج من النار، لأنه يكون قد وقي النار. والجواب عن ذلك: إن هذه الآية يجوز أن تكون مختصة بمن لا يستحق دخول النار، فلا يدخلها، أو بمن استحق النار فتفضل عليه بالعفو، فلم يدخلها. ويجوز أن يكون المراد: ووقاهم عذاب الجحيم على وجه التأبيد، أو على الوجه الذي يعذب عليه الكفار.
(فضلا من ربك) أي فعل الله ذلك بهم، تفضلا منه، لأنه سبحانه خلقهم، وأنعم عليهم، ورتب فيهم العقل، وكلفهم، وبين لهم من الآيات ما استدلوا به على وحدانية الله تعالى، وحسن الطاعات، فاستحقوا به النعم العظيمة، ثم جزاهم بالحسنة عشر أمثالها، فكان ذلك فضلا منه، عز اسمه. وقيل. إنما سماه فضلا،