الله عنه عن صوم رجب المفهوم. من ضربه للمترجمين كما في الأثر المتقدم ليس نهيا لذاته بل لكي لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان، وهذا ما صرح به بعض الصحابة، فقد أورد ابن قدامة في (المغنى) (3 / 167) عقب اثر ابن عمر هذا من رواية أحمد عن أبي بكرة:
(أنه دخل على أهله، وعندهم سلال جدد وكيزان، فقال: ما هذا؟
فقالوا: رجب نصومه، فقال: أجعلتم رجب رمضان؟! فأكفأ السلال وكسر الكيزان).
ثم قال ابن قدامة عقبه:
(قال أحمد: من كان يصوم السنة صامه، وإلا فلا يصومه متواليا، يفطر فيه، ولا يشبه برمضان).
ويظهر أن رأي ابن عمر في كراهة صوم رجب كله كان شائعا عنه في زمانه وأن بعض الناس أساء فهما عنه فنسب إليه أنه يقول بتحريم هذا الصوم، فقد قال عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر:
(أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت، بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، وميثرة الأرجوان، وصوم رجب كله! فقال لي عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد...).
أخرجه مسلم (6 / 139) وأحمد (1 / 26).
وعليه يشكل قوله في هذه الرواية: (فكيف بمن يصوم الأبد)، فقد فسروه بأنه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه، وإخبار منه أنه يصوم رجبا كله، وأنه يصوم الأبد. كما في شرح مسلم للنووي، و (السراج الوهاج) لصديق حسن خان (2 / 285).
فلعل التوفيق بين صومه لرجب، وكراهته لذلك، أن تحمل الكراهة على افراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به، فاما صيامه في جملة ما يصوم فليس