على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل.
ثم أكثر تعاهد قضائه، وأفسح له في البذل ما يزيح علته، وتقل معه حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك. فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى، وتطلب به الدنيا.
* * * الشرح:
تمحكه الخصوم: تجعله ما حكا، أي لجوجا، محك الرجل، أي لج، وماحك زيد عمرا، أي لاجه.
قوله: " ولا يتمادى في الزلة "، أي إن زل رجع وأناب، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
قوله ": ولا يحصر من الفئ " هو المعنى الأول بعينه، والفئ الرجوع، إلا أن هاهنا زيادة، وهو أنه لا يحصر، أي لا يعيا في المنطق، لان من الناس من إذا زل حصر عن أن يرجع وأصابه كالفهاهة والعي خجلا.
قوله: " ولا تشرف نفسه "، أي لا تشفق. والاشراف الاشفاق والخوف، وأنشد الليث:
ومن مضر الحمراء إسراف أنفس * علينا وحياها علينا تمضرا.