وأمره عليه السلام أن يتفقد من أمور الجيش ما يتفقد الوالدان من حال الولد، وأمره ألا يعظم عنده ما يقويهم به وإن عظم، وألا يستحقر شيئا تعهدهم به وإن قل، وألا يمنعه تفقد جسيم أمورهم عن تفقد صغيرها وأمره أن يكون آثر رؤوس جنوده عنده وأحظاهم عنده وأقربهم إليه من واساهم في معونته، هذا هو الضمير الدال على أن الضمير المذكور أولا للجند لا لأمراء الجند، لولا ذلك لما انتظم الكلام.
قوله: " من خلوف أهليهم "، أي ممن يخلفونه من أولادهم وأهليهم.
ثم قال لا يصح نصيحة الجند لك إلا بحيطتهم على ولاتهم، أي بتعطفهم عليهم وتحننهم، وهي الحيطة على وزن الشيمة، مصدر حاطه يحوطه حوطا وحياطا، وحيطة، أي كلأه ورعاه، وأكثر الناس يروونها " إلا بحيطتهم " بتشديد الياء وكسرها، والصحيح ما ذكرناه.
قوله: " وقلة استثقال دولهم "، أي لا تصح نصيحة الجند لك إلا إذا أحبوا أمراءهم ثم لم يستثقلوا دولهم، ولم يتمنوا زوالها.
ثم أمره أن يذكر في المجالس والمحافل بلاء ذوي البلاء منهم، فإن ذلك مما يرهف عزم الشجاع ويحرك الجبان.
قوله: ولا تضمن بلاء امرئ إلى غيره "، أي أذكر كل من أبلى منهم مفردا غير مضموم ذكر بلائه إلى غيره كي لا يكون مغمورا في جنب ذكر غيره.
ثم قال له: لا تعظم بلاء ذوي الشرف لأجل شرفهم، ولا تحقر بلاء ذوي الضعة لضعة أنسابهم، بل أذكر الأمور على حقائقها.
ثم أمره أن يرد إلى الله ورسوله ما يضلعه من الخطوب، أي ما يؤوده ويميله