بينهم، وحنقهم عليك حنقا منهم على أنفسهم ثم لا يزدادون في ذلك بصيرة إلا أحدثوا لك بها استقامة، إن دنوت منهم دانوا لك، وإن نأيت عنهم تعززوا بك، حتى يثب من ملك منهم على جاره باسمك، ويسترهبه بجندك، وفي ذلك شاغل لهم عنك، وأمان لإحداثهم بعدك، وإن كان لا أمان للدهر، ولا ثقة بالأيام.
قد أديت إلى الملك ما رايته لي حظا، وعلى حقا من إجابتي إياه إلى ما سألني عنه، ومحضته النصيحة فيه، والملك أعلى عينا، وأنفذ روية، وأفضل رأيا، وأبعد همة فيما استعان بي عليه، وكلفني بتبيينه والمشورة عليه فيه. لا زال الملك متعرفا من عوائد النعم وعواقب الصنع وتوطيد الملك، وتنفيس الاجل، ودرك الامل، ما تأتى فيه قدرته على غاية قصوى ما تناله قدرة البشر!
والسلام الذي لا انقضاء له، ولا انتهاء ولا غاية ولا فناء، فليكن على الملك.
قالوا: فعمل الملك برأيه، واستخلف على إيران شهر أبناء الملوك والعظماء من أهل فارس، فهم ملوك الطوائف الذين بقوا بعده، والمملكة موزعة بينهم إلى أن جاء أردشير ابن بابك فانتزع الملك منهم.
* * * الأصل:
ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن، لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة ولا يحصر من الفئ إلى الحق إذا عرفه ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفى بأدنى فهم دون أقصاه. وأوقفهم في الشبهات وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم وأصبرهم