الأصل:
فول من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك، وأطهرهم جيبا، وأفضلهم حلما، ممن يبطئ عن الغضب، ويستريح إلى العذر، ويرأف بالضعفاء، وينبو على الأقوياء، وممن لا يثيره العنف ولا يقعد به الضعف.
ثم الصق بذوي المروءات والأحساب، وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة، ثم أهل النجدة والشجاعة، والسخاء والسماحة، فإنهم جماع من الكرم، وشعب من العرف.
ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما، ولا يتفاقمن في نفسك شئ قويتهم به. ولا تحقرن لطفا تعاهدتهم به وان قل، فإنه داعيه لهم إلى بذل النصيحة لك، وحسن الظن بك.
ولا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسيمها، فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به، وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه، وليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم حتى يكون همهم هما واحدا في جهاد العدو فان عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك. ولا تصح نصيحتهم الا بحيطتهم على ولاة أمورهم، وقلة استثقال دولهم، وترك استبطاء انقطاع مدتهم.
فافسخ في آمالهم، وواصل من حسن الثناء عليهم، وتعديد ما أبلى ذوو البلاء .