غيره (1) الماء، وذلك السقاء يكفيه غيره أمر تحصيل الآلة التي يطحن بها الحب ويعجن بها الدقيق، ويخبز بها العجين، وذلك المحصل لهذه الأشياء يكفيه غيره الاهتمام بتحصيل الزوجة التي تدعو إليها داعية الشبق، فيحصل مساعدة بعض الناس لبعض لولا ذلك لما قامت الدنيا، فلهذا معنى قوله عليه السلام: " إنهم طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غناء ببعضها عن بعض.
ثم فصلهم وقسمهم فقال: منهم الجند، (2 ومنهم الكتاب، ومنهم القضاة، ومنهم العمال 2)، ومنهم أرباب الجزية من أهل الذمة، ومنهم أرباب الخراج من المسلمين، ومنهم التجار، ومنهم أرباب الصناعات. ومنهم ذوو الحاجات والمسكنة، وهم أدون الطبقات.
ثم ذكر أعمال هذه الطبقات فقال: الجند للحماية، والخراج يصرف إلى الجند والقضاة والعمال والكتاب لما يحكمونه من المعاقد، ويجمعونه من المنافع، ولا بد لهؤلاء جميعا من التجار لأجل البيع والشراء الذي لا غناء عنه، ولابد لكل من أرباب الصناعات كالحداد والنجار والبناء وأمثالهم. ثم تلي هؤلاء الطبقة السفلى، وهم أهل الفقر والحاجة الذين تجب معونتهم والاحسان إليهم.
وإنما قسمهم في هذا الفصل هذا التقسيم تمهيدا لما يذكره فيما بعد فإنه قد شرع بعد هذا الفصل، فذكر طبقة طبقة وصنفا صنفا، وأوصاه في كل طبقة وفي كل صنف منهم بما يليق بحاله، وكأنه مهد هذا التمهيد، كالفهرست لما يأتي بعده من التفصيل.
.