ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، واجتمعت بها الألفة وصلحت عليها الرعية.
لا تحدثن سنة تضر بشئ من ماضي تلك السنن، فيكون الاجر لمن سنها، والوزر عليك بما نقضت منها.
وأكثر مدارسة العلماء، ومناقشة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك.
* * * الشرح:
خلاصة صدر هذا الفصل، أن من أحسن إليك حسن ظنه فيك، ومن أساء إليك استوحش منك، وذلك لأنك إذا أحسنت إلى انسان وتكرر منك ذلك الاحسان تبع ذلك اعتقادك أنه قد أحبك، ثم يتبع ذلك الاعتقاد أمر آخر، وهو أنك تحبه، لان الانسان مجبول على أن يحب من يحبه، وإذا أحببته سكنت إليه وحسن ظنك فيه، وبالعكس من ذلك إذا أسأت إلى زيد، لأنك إذا أسأت إليه وتكررت الإساءة تبع ذلك اعتقادك أنه قد أبغضك، ثم يتبع ذلك الاعتقاد أمر آخر، وهو أن تبغضه أنت وإذا أبغضته انقبضت منه واستوحشت، وساء ظنك به.
قال المنصور للربيع: سلني لنفسك: قال يا أمير المؤمنين، ملأت يدي فلم يبق عندي موضع للمسألة، قال: فسلني لولدك، قال أسألك أن تحبه، فقال المنصور:
يا ربيع، إن الحب لا يسأل، وإنما هو أمر تقتضيه الأسباب قال: يا أمير المؤمنين، وإنما أسألك أن تزيد من إحسانك، فإذا تكرر أحبك، وإذا أحبك أحببته. فاستحسن