وأنه معتمد لترك الصواب لأنه أشار بقتال القوم عند رفع المصاحف وأخبر أنها منهم خديعة ثم رجع / 49 / عن هذا من رأيه إلى محاكمتهم وموادعتهم وهذا نفس ما نقمته الخوارج وادعت خطأ علي فيه.
قلنا لهم: لسنا نبعد قلة معرفتكم بما ذكرنا [ه] وبعد وهمكم عنه إذ ذهبتم عما هو أوضح منه إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنما أشار على القوم بقتالهم وأن لا يكفوا من حربهم لأن القوم الذين رفعوا المصاحف قد علم أنهم لم يرفعوها لشبهة دخلت [عليهم] وأن رفعها عند قرب الفتح والظفر بهم خديعة، وعلم أن الذين رفعوها قد قامت عليهم الحجة وعرفوا حقه فتركوه بالمعاندة، ولو مضى أصحابه على بصيرتهم ويقينهم [و] لم تدخل عليهم الشبهة، و [لم] تختلف الكلمة لكان سيمضي علي أمره في محاربتهم لأنه قد أعذر إليهم وأقام حجته عليهم، وكان رأيه رضي الله عنه صوابا في تحريك أصحابه في محاربتهم و [قد] أعلمهم أن الذي كان منهم خديعة ليمضوا على بصائرهم. فلما دخلت أصحابه الشبهة، وجاء أمر احتاج إلى إزالته بحجة أمسك عن القوم حتى ينكشف لأهل الضعف خطأؤهم فيزول عنهم شكهم إذا اعلموا أن القوم لم يطلبوا الحق برفع المصاحف، فيرجع بعد إلى مناجزتهم وقتالهم.
فقالوا له أرسل إلى الأشتر فرده. فأرسل إلى الأشتر أن أقبل إلي. فأرسل إليه الأشتر:
ليس هذه ساعة ينبغي أن تزيلني فيها عن موضعي إني قد رجوت أن يفتح الله [علي] فلا تعجلن.
فارتفعت الريح، وعلت الأصوات من ناحية الأشتر، فقال القوم: والله ما نراك إلا قد أمرته يقاتل!! فقال علي رضي الله عنه: من أين ينبغي لكم أن تروا ذلك؟
هل رأيتموني ساررت الرسول؟ ألم أكلمه على رؤسكم علانية وأنتم تسمعون؟! (1).