القليل (والأول أتم) المراد من الأول الحديث المتقدم (قال فرده مرتين) أي رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك مرتين (فقال إنه رده أربع مرات) قال الحافظ وأخرجه مسلم من طريق شعبة عن سماك قال فرده مرتين وفي أخرى مرتين أو ثلاثا. قال شعبة قال سماك فذكرته لسعيد بن جبير فقال إنه رده أربع مرات. ووقع في حديث أبي سعيد عند مسلم أيضا فاعترف بالزنا ثلاث مرات. والجمع بينها أما رواية مرتين فتحمل على أنه اعترف مرتين في يوم ومرتين في يوم آخر لما يشعر به قول بريدة فلما كان من الغد فاقتصر الراوي على إحداهما أو مراده اعترف مرتين في يومين فيكون من ضرب اثنين. في اثنين وقد وقع عند أبي داود من طريق إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا مرتين فطرده ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين. وأما رواية الثلاث فكان المراد الاقتصار على المرات التي رده فيها.
وأما الرابعة فإنه لم يرده بل استثبت فيه وسأل عن عقله، لكن وقع في حديث أبي هريرة عند أبي داود من طريق عبد الرحمن بن الصامت ما يدل على أن الاستثبات فيه إنما وقع بعد الرابعة ولفظه جاء الأسلمي فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل في الخامسة فقال تدري ما الزاني إلى آخره. والمراد بالخامسة الصفة التي وقعت منه عند السؤال والاستثبات لأن صفة الاعراض وقعت أربع مرات وصفة الإقبال عليه للسؤال وقع بعدها انتهى (أحق) بهمزة الاستفهام أي أثابت (ما بلغني عنك) ما موصولة أي الخبر الذي وصل إلي في شأنك هل هو حق ثابت (قال) ماعز (فشهد أربع شهادات) أي أقر أربع مرات (فأمر به) أي برجمه. فإن قلت كيف التوفيق بين هذا الحديث الذي يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان عارفا بزنا ماعز فاستنطقه ليقر به ليقيم عليه الحد وبين الأحاديث الأخرى التي تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن عارفا به فجاء ماعز فأقر فأعرض عنه مرارا قلت: في هذا الحديث اختصار