وفيه دليل لمن قال إن القسامة يثبت فيها القصاص وقد سبق بيان مذهب العلماء فيه وتأول القائلون بعدم القصاص فيها بأن المراد أن يسلم ليستوفي منه الدية لكونها ثبتت عليه (فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم) أي تبرأ إليكم من دعوا كم بخمسين يمينا.
وقيل: معناه يخلصونكم من اليمين بأن يحلفوا فإذا حلفوا انتهت الخصومة ولم يثبت عليهم شئ وخلصتم أنتم من اليمين. كذا قال النووي (قوم كفار) أي هم قوم كفار لا تقبل أيمانهم أو كيف نعتبر أيمانهم (فوداه) بتخفيف الدال أي أعطى دية القتيل (من قبله) بكسر ففتح أي من عنده وإنما وداه صلى الله عليه وسلم من عنده قطعا للنزاع واصلاحا لذات البين فإن أهل القتيل لا يستحقون إلا أن يحلفوا أو يستحلفوا المدعى عليهم وقد امتنعوا من الأمرين وهم مكسورون بقتل صاحبهم، فأراد صلى الله عليه وسلم جبرهم وقطع المنازعة بدفع ديته من عنده (قال سهل) أي ابن أبي حثمة (مربدا) بكسر الميم وفتح الباء وهو الموضع الذي يحبس فيه الإبل) والغنم والذي يجعل فيه التمر ليجف (فركضتني) أي ضربتني بالرجل والركض الضرب بالرجل.
وأراد بهذا الكلام أنه ضبط الحديث وحفظه حفظا بليغا (قال حماد) أي ابن زيد (هذا أو نحوه) أي هذا الحديث هكذا كما رويناه أو فيه تغير بعض الألفاظ مع اتحاد المعنى والله أعلم.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
(أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم) أي يثبت حقكم على من حلفتم عليه وهل ذلك الحق قصاص أو دية فيه الخلاف السابق. وكلمة أو للشك. ثم اعلم أن حكم القسامة مخالف لسائر الدعاوي من جهة أن اليمين على المدعي وأنها خمسون يمينا وهو يخص قوله صلى الله عليه وسلم " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " (ولم يذكر بشر دم) بفتح الميم من غير تنوين على الحكاية.
وفي بعض النسخ دما بالتنوين أي قال بشر في روايته تستحقون صاحبكم بحذف لفظة دم