في عبد كان يملكه فزال عنه ملكه فصار كفؤا له بالحرية. وذهب بعضهم إلى أن الحديث منسوخ بقوله تعالى * (الحر بالحر والعبد بالعبد - إلى - والجروح قصاص) * انتهى. ومذهب أصحاب أبي حنيفة أن الحر يقتل بعبد غيره دون عبد نفسه. وذهب الشافعي ومالك أنه لا يقتل الحر بالعبد وإن كان عبد غيره. وذهب إبراهيم النخعي وسفيان الثوري إلى أن يقتل بالعبد وإن كان عبد نفسه (ومن جدع) بفتح الدال المهملة (عبده) أي قطع أطرافه (جدعناه) قال في النهاية: الجدع قطع الأنف والأذن والشفة وهو بالأنف أخص فإذا أطلق غلب عليه، يقال رجل أجدع ومجدوع إذا كان مقطوع الأنف انتهى. وفي شرح السنة: ذهب عامة أهل العلم إلى أن طرف الحر لا يقطع بطرف العبد، فثبت بهذا الاتفاق أن الحديث محمول على الزجر والردع أو هو منسوخ انتهى.
قال المنذري: والحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة، وقال الترمذي حسن غريب، وقد تقدم الكلام في سماع الحسن من سمرة.
(بإسناده) أي الحديث السابق (خصيناه) في المصباح: خصيت العبد أخصيه خصاء بالكسر والمد سللت خصييه وقد مر تأويله في الحديث الذي قبله.
قال السندي: المراد بقوله قتلناه وأمثاله عاقبناه وجازيناه على سوء صنيعه إلا أنه عبر بلفظ القتل ونحوه للمشاكلة كما في قوله تعالى * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * وفائدة هذا التعبير الزجر والردع وليس المراد أنه تكلم بهذه الكلمة لمجرد الزجر من غير أن يريد به معنى أو أنه أراد حقيقته لقصد الزجر، فإن الأول يقتضي أن تكون هذه الكلمة مهملة، والثاني يؤدي إلى الكذب لمصلحة الزجر، وكل ذلك لا يجوز، وكذا كل ما جاء في كلامهم من نحو قولهم هذا وارد على سبيل التغليظ والتشديد، فمرادهم أن اللفظ يحمل على معنى مجازي مناسب للمقام انتهى (ثم ذكر مثل حديث شعبة) ولفظ النسائي من طريق محمد بن بشار عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن سمرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال " من خصى عبده خصيناه ومن جدع عبده جدعناه " انتهى. قال المنذري: والحديث أخرجه النسائي.