فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير) المعنى إنما شغله عن مجالسة الناس الصلاة، فإذ افرغ عن الصلاة شغله التسبيح والتكبير.
وعن أحمد في مسنده قال كان بدمشق رجل يقال له ابن الحنظلية متوحدا لا يكاد يكلم أحدا إنما هو في صلاة فإذا فرغ يسبح ويكبر ويهلل حتى يرجع إلى أهله انتهى (قال فمر بنا) أي قال أبي فمر ابن الحنظلية بنا (ونحن عند أبي الدرداء) جملة حالية (فقال له) أي لابن الحنظلية (كلمة) بالنصب أي قل لنا كلمة (سرية) هي طائفة من جيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وجمعها السرايا سموا به لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السري أي النفيس (فحمل فلان) أي على العدو (فطعن) أي بالرمح (فقال) ذلك الفلان وكان من بني الغفار للعدو (خذها) أي الطعنة بالرمح (مني وأنا الغلام الغفاري) قاله ذلك ليحمده الناس على ذلك الفعل (كيف ترى) الخطاب للرجل الذي كان إلى جنب الرجل القائل (في قوله) المذكور وهو خذها مني وأنا الغلام الغفاري (قال ما أراه) بضم الهمزة أي ما أظنه (لا بأس أن يؤجر) أي من الله تعالى على نتيه (ويحمد) أي من الناس (سر) على البناء للمجهول من السرور (فما زال يعيد) أبو الدرداء (عليه) أي علي بن الحنظلية تلك المقالة أي أنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليبركن) بلام التأكد والنون الثقيلة أي أبو الدرداء (على ركبتيه) أي ابن الحنظلية.
والمعنى أن أبا الدرداء قد بالغ في السؤال عن ابن الحنظلية وقرب منه قربة شديدة حتى أني لأقول: ليبركن أبو الدرداء على ركبتي ابن الحنظلية من شدة المقاربة.
وفي رواية لأحمد: فسر بذلك أبو الدرداء حتى هم أن يجثو على ركبتيه، فقال أنت سمعته مرارا. إنتهى والله أعلم.