الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح عن عمرو ابن سلمة قال: (انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه فكان فيما أوصانا ليؤمكم أكثركم قرانا فكنت أكثرهم قرانا فقدموني) وأخرجه أيضا البخاري وأبو داود والنسائي. وقيل أحسنهم قراءة وإن كان أقلهم حفظا، وقيل أعلمهم بأحكامه (وأقدمهم قراءة) وكذا قال يحيى القطان عن شعبة أقدمهم قراءة. وروى الأعمش عن إسماعيل بن رجاء هذا الحديث وقال فيه (فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) ولم يقل فأقدمهم قراءة كما يصرح به المؤلف بعد هذا الحديث قال الإمام الخطابي في المعالم: وهذه الرواية مخرجة من طريق شعبة على ما ذكر أبو داود. والصحيح من هذا رواية سفيان عن إسماعيل بن رجاء أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مالك قال: أخبرنا بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي قال: أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن أبي مسعود البدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا) قال وهذا هو الصحيح المستقيم في الترتيب انتهى (فإن كانوا في القراءة) أي في مقدارها أو حسنها أو في العلم بها (سواء) أي مستوين (فليؤمهم أقدمهم هجرة) هذا شامل لمن تقدم هجرة سواء كان في زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده كمن يهاجر من دار الكفر إلى دار الاسلام. وأما حديث (لا هجرة بعد الفتح) فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح وهذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث (أكبرهم سنا) أي يقدم في الإمامة من كبر سنه في الاسلام لأن ذلك فضيلة يرجح بها (ولا يؤم الرجل في بيته) قال الخطابي: معناه أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة. وقد روى مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(من زار قوما فلا يؤمهم) (ولا في سلطانه) فهذا في الجمعات والأعياد لتعلق هذه الأمور بالسلاطين، فأما في الصلوات المكتوبات فأعلمهم أولاهم بالإمامة، فإن جمع السلطان هذه الفضائل كلها فهو أولاهم بالإمامة. وكان أحمد بن حنبل يرى الصلاة خلف أئمة الجور ولا يراها خلف أهل البدع. وقد يتأول أيضا قوله عليه السلام (ولا في سلطانه) على معنى ما يتسلط عليه الرجل من ملكه في بيته أو يكون إمام مسجده في قومه وقبيلته قاله الخطابي (ولا يجلس على تكرمته) أي فراشه وسريره وما يعد كرامة من وطأ ونحوه. قال الإمام الخطابي تحت هذا الحديث: وذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم جعل ملاك أمر امامة القراءة وجعلها مقدمة