قلت: وتؤيد هذه الرواية ما أخرجه الطبراني على ما نقله الزيلعي ولفظه عن سعيد بن أبي عروبة عن عامر بن عبد الواحد عن مكحول عن عبد الله بن أبي محيريز عن أبي محذورة قال: علمني النبي صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشر كلمة والإقامة سبع عشر كلمة.
(قال) أبو محذورة (فمسح) أي النبي صلى الله عليه وسلم (مقدم رأسي) ليحصل له بركة يده الموصولة إلى الدماغ وغيره فيحفظ ما يلقي إليه ويملي عليه (قال تقول) بتقدير أن أي الأذان قولك، وقيل أطلق الفعل وأريد به الحدث على مجاز ذكر الكل وإرادة البعض، أو خبر معناه الأمر أي قال (ترفع بها صوتك) جملة حالية أو استئنافية مبينة (حي على الفلاح) معناه هلم، ومعنى الفلاح:
الفوز قال العيني قال ابن الأنباري: فيه ست لغات: حي هلا بالتنوين وفتح اللام بغير تنوين وتسكين الهاء وفتح اللام بغير تنوين وفتح الهاء وسكون اللام وحي هلن وحي هلين. انتهى.
(فإن كان) أي الوقت أو ما يؤذن لها (صلاة الصبح) بالنصب أي وقته، وقيل بالرفع فكان تامة (قلت) أي في أذانها (الصلاة خير من النوم) أي لذتها خير من لذته عند أرباب الذوق وأصحاب الشوق، ويمكن أن يكون من باب العسل أحلى من الخل. قاله علي القاري. وفي الحديث إثبات الترجيع وأن النبي صلى الله عليه وسلم علم بنفسه أبا محذورة الأذان مع الترجيع. وفيه تربيع التكبير في أول الأذان، والترجيع هو العود إلى الشهادتين مرتين مرتين برفع الصوت بعد قولها مرتين مرتين بخفض الصوت. قال في النيل: وذهب الشافعي ومالك وأحمد وجمهور العلماء إلى أن الترجيع في الأذان ثابت لهذا الحديث وهو حديث صحيح مشتمل على زيادة غير منافية، فيجب قبولها، وهو أيضا متأخر عن حديث عبد الله بن زيد قال في شرح مسلم: إن حديث أبي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين وحديث عبد الله بن زيد في أول الأمر، ويرجحه أيضا عمل أهل مكة والمدينة به. قال النووي: وقد ذهب جماعة من المحدثين وغيرهم إلى التخيير