(وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وهذا خاص فينبغي أن يحمل العام عليه فتختص الطهورية بالتراب، ودل الافتراق في اللفظ حيث حصل التأكيد في جعلها مسجدا دون اخر على افتراق الحكم وإلا لعطف أحدهما على الآخر نسقا كما في حديث الباب، ومنع بعضهم الاستدلال بلفظ التربة على خصوصية التيمم بالتراب بأن قال تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره، وأجيب بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ التراب أخرجه ابن خزيمة وغيره، وفي حديث علي: (وجعل التراب لي طهورا) أخرجه أحمد والبيهقي بإسناد حسن. ويقول القول بأنه خاص بالتراب أن الحديث سيق ظهار التشريف والتخصيص فلو كان جائزا بغير التراب لما اقتصر عليه انتهى. قال المنذري: والحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة من حديث يزيد بن شريك التيمي عن أبي ذر فصل المسجد خاصة.
(ابن لهيعة) بفتح اللام وكسر الهاء هو عبد الله ضعيف (ويحيى بن أزهر) البصري مولى قريش صدوق من السابعة مات سنة إحدى وستين قال في التقريب (المرادي) نسبة إلى المراد وهو قبيله (مر ببابل) أبو عبيد البكري: بلبل بالعراق مدينة السحر معروفة. وقال الجوهري:
بابل اسم موضع بالعراق ينسب إليه السحر والخمر. وقال الأخفش: لا ينصرف لتأنيثه. قاله العيني (يؤذنه) من ايذان (فلما برز منها) أي فلما خرج على من بابل (فلما فرغ) أي علي من الصلاة (قال إن حبي) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (أن أصلي في المقبرة) قال العيني. المقبرة بضم الباء هو المسموع والقياس فتح الباء، وفي شرح الهادي أن ما جاء على مفعلة بالضم يراد بها أنها موضوعة لذلك ومتخذة يقول له، فإذا قالوا المقبرة بالفتح أرادوا مكان الفعل وإذا ضموا أرادوا البقعة التي من شأنها أن يقبر فيها، وكذلك المشربة والمقربة (ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة) أي أرض بابل مغضوبة عليها. قال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، ولا أعلم أحدا من العلماء حرم الصلاة في أرض بابل، وقد عارضه ما هو أصح منه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:
(جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) ويشبه أن يكون معناه إن ثبت أنه نهى أن تتخذ أرض بابل