وسئل بعض السالكين عن التقوى، فقال: هل دخلتم أرضا فيها شوك؟ فقيل: نعم فقال: كيف تعمل وما تصنع؟ قيل: نتوفى ونتحرز، فقال: اصنعوا في طريق الدين كذلك، فتوقوا عن المعاصي، كما يتوقى، الماشي رجله من الشوك. ونظمها بعض الشعراء وقال:
خل الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقى واصنع كماش فوق أر * ض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة * إن الجبال من الحصى وقيل: التقوى بحسب العرف الشرعي تعود إلى خشية الله سبحانه المستلزمة للاعراض عن كل ما يوجب الالتفات عنه تعالى، من متاع الدنيا وزينتها، وتنحية ما دون وجهة القصد.
وقيل: إن خيرات الدنيا والآخرة جمعت تحت لفظة واحدة، وهي التقوى، انظر إلى ما في القرآن الكريم من ذكرها، فكم علق عليها من خير ووعد لها من ثواب، وأضاف إليها من سعادة دنيوية، وكرامة أخروية.
وقال ابن فهد رحمه الله، في محكى عدة الداعي: التقوى هي العدة الكافية في قطع الطريق إلى الجنة، بل هي الجنة الواقية من متالف الدنيا والآخرة، وهي الممدوحة بكل لسان، والمشرفة لكل انسان، وقد شحن بمدحها القرآن، وكفاها شرفا قوله تعالى: " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وأياكم ان اتقوا الله " (4) ولو كانت في العالم خصلة هي أصلح للعبد وأجمع للخير، وأعظم بالقدر، وأولى بالايجال، وأنجح للآمال من هذه الخصلة التي هي التقوى لكان الله أوصى بها عباده لمكان حكمته ورحمته