الاعمار، كأنكم ببغتات طوارقه، فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها، ومن علوها إلى سفلها، ومن أنسها إلى وحشتها، ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها ومن سعتها إلى ضيقها، حيث لا يزار حميم، ولا يعاد سقيم، ولايجاب صريخ، أعاننا الله وإياكم على أهوال ذلك اليوم، ونجانا وإياكم من عقابه، وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه، عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم، ومدى مظعنكم، كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه، ويذهله عن دنياه، ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه، فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه، مستوقف على حسابه، لا وزير له يمنعه، ولا ظهير عنه يدفعه، ويومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في ايمانها خيرا قل انتظروا انا منتظرون، أوصيكم بتقوى الله، فان الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب، ويرزقه من حيث لا يحتسب، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه، فان الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته، ولا ينال ما عنده الا بطاعته إن شاء الله.
وفي مستدرك البحار: 17، 275، في الحديث 26: حدث شاكر بن غنيمة ابن أبي الفضل، عن عبد الجبار الهاشمي، قال: سمعت هذه الندبة من الشيخ أبي بشر ابن أبي طالب الكندي، يرويها عن أبي عيينة الزهري قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يناجي ويقول: قل لمن قل عزاؤه، وطال بكاؤه، ودام عناؤه، وبان صبره، وتقسم فكره، والتبس عليه أمره، من فقد الأولاد، ومفارقة الاباء والأجداد، والامتعاض بشماتة الحساد، ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد.
تعز فكل للمنية ذائق * وكل ابن أنثى للحياة مفارق فعمر الفتى للحادثات ذريئة * تناهبه ساعاتها والدقائق كذا تتفانى واحد بعد واحد * وتطرقنا بالحادثات الطوارق