وقطعت الأسباب من كل ظالم * يقيم على أسراره وينافق فقدم التوبة، واغسل الحوبة، فلابد ان تبلغ إليك النوبة، وحسن العمل قبل حلول الأجل، وانقطاع الامل، فكل غائب قادم، وكل عريب عازم (وكل غريب غارم خ)، وكل مفرط نادم، فاعمل للخلاص قبل القصاص، والاخذ بالنواص.
فإنك مأخوذ بما قد جنيته * وانك مطلوب بما أنت سارق وذنبك ان أبغضته فمعانق * ومالك ان أحببته فمفارق فقارب وسدد واتق الله وحده * ولا تستقل الزاد فالموت طارق واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
ومن كلام بعض الحكماء: رحم الله امرء لا يغره ما يرى من كثرة الناس، فإنه يموت وحده، ويقبر وحده، ويحاسب وحده.
وقال بعضهم: لاوجه لمقاساة الهموم لأجل الدنيا، ولا الاعتداد بشئ من متاعها، ولا التخلي منها. اما ترك الاهتمام لها، فمن جهة انه لا سبيل إلى دفع الكائن من مقدورها، واما ترك الاعتداد بها، فان مرجع كل إلى تركها، واما ترك التخلي عنها، فان الآخرة لا تدرك الا بها.
وقال بعضهم: أفضل اختيار الانسان ما توجه به إلى الآخرة وأعرض به عن الدنيا، وقد تقدمت الحجة، وأوذنا بالرحيل، ولنا من الدنيا على الدنيا دليل، وإنما أحدنا في مدة بقائه صريع المرض، أو مكتئب بهم، أو مطروق بمصيبة، أو مترقب لمخوف، لا يأمن المرء من أصناف لذته من المطعوم والمشروف أن يكون موته فيه، ولا يأمن مملوكه وجاريته ان يقتلاه بحديد أو سم، وهو مع ذلك عاجز عن استدامة سلامة عقله من زوال، وسمعه من صمم، وبصره من عمى، ولسانه من خرس، وسائر جوارحه من