البحث السادس:
قال أبو جعفر المحمودي: ربما تخيل متخيل، وتمسك غافل، وتعلق متجاهل، بقول أمير المؤمنين (ع): " كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الامر، فأبى الله الا إخفاءه، هيهات علم مكنون " ويقول: ان أمير المؤمنين (ع) لم يكن عالما تفصيلا بزمان قتله، وإنما كان عالما اجمالا، لان رسول الله (ص) أخبره بنحو الاجمال، لا بالصراحة والتفصيل.
وتقريب التمسك والاستدلال: إن معنى قوله (ع): كم اطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الامر الخ: ما زلت أبحث عن كيفية قتلي يوما فيوما، فإذا لم أجده في يوم طردته وانصرفت عنه واستقبلت يوما آخر، وهكذا حتى وقع المقدور، وهذا يدل على أنه (ع) لم يعلم خصوصيات ما جرى عليه وابتلي به.
أقول: هذا الكلام خبط من قائله، وسهو من ناسجه، وتيه من مستدله.
اما أولا: فلاجمال هذه الفقرات من كلامه (ع) وتعدد الوجوه المحتملة منه، وصلاحيته للحمل على معنى صحيح لا ينافي ساحة صاحب الولاية، ووصي رسول الله، وحافظ الدين القويم والشريعة الأبدية وقابليته لان يراد منه معنى لا يصادم الأخبار المتواترة الدالة على أن أمير المؤمنين (ع) كان عالما بجميع الحوادث بتعليم من رسول الله (ص) وإفاضة من الله تبارك وتعالى.
والمعنى الذي يصح ان يحمل الكلام عليه: هو ان يراد من الكلام:
أني مرارا وفي كثير من الأوقات أردت ان أخبركم بمكنون أمري وما لاقيته وسألاقيه من الفتن الحاجزة بيني وبين وصولي بحقي واستيلائي على منصبي