تعليق وتحقيق:
حول قوله: إياك والعجب.
إعلم ان الانسان إذا استعجب من شئ وباهى به واستعظمه، فاما أن يكون المستعجب منه والمباهي به والمستعظم حريا وموردا للاستعجاب والمباهات والاستعظام أو لا يكون. واياما كان فاما أن يكون استعجابه واستعظامه مقرونا بالتكبر والتعدي وغيرهما من انحاء الايذاء وتضييع حقوق الناس، أو الامتنان على الله - ولله المنة عليه - أو نسيان عظيم نعم الله، أو ذهوله عن فلتأته وما صدر منه من الاجرام والخطايا، أو غفلته عن تفقد نفسه وأعماله، أو اهماله شرائط قبول عباداته، أو اغتراره بأعماله السابقة واتكاله عليها، وترك مواظبته لتكليفه الفعلي، أو غير ذلك من أنحاء التقصير والتمرد، أو لا يكون استعظامه مقرونا بما ذكر من اقسام التجري والتمرد. فإذا استعجب الانسان من نفسه أو نفسياته أو ما يتعلق به واستعظمه وباهى به، فإن كان استطرافه واستعظامه نفسه وما يرتبط به ملازما للتعدي على الخلق وتضييع حقوق الخالق كما هو الغالب على نوع سواد الناس فهذا هو العجب الذي هو أحد المهلكات، واما لو اعتقد الشخص عظمة نفسه أو ما ينتسب إليه، فاستطرفها وعدها عظيما - سواء كانت عظمتها تخيلية أو عظمة في الواقع ونفس الامر - ولم يقارن هذا الاستعظام التعدي وتضييع الحقوق واهمال التكاليف، فليس هذا من العجب في شئ.