العائدة الثالثة:
في نبذ من أقوال الحكماء والعلماء والكبراء في الصديق والصداقة، وفضلها على القرابة.
قالوا: ومما يجب للصديق على الصديق النصيحة جهده، لان صديق الرجل مرآته، يريه حسناته وسيئاته.
وقالوا: الصديق من صدقك وده، وبذل لك رفده.
وقالت الحكماء أيضا: ومما يجب للصديق على الصديق، الاغضاء عن زلاته، والتجاوز عن سيئاته، فان رجع واعتب، والا عاتبته بلا إكثار، فان كثرة العتاب مدرجة للقطيعة (147).
وقال الأحنف: من حق الصديق أن يتحمل ثلاثا: ظلم الغضب، وظلم الدالة، وظلم الهفوة.
وقيل لبزرجمهر: من أحب إليك، أخوك أو صديقك؟ فقال: ما أحب أخي الا إذا كان صديقا.
وقال أكثم بن صيفي: القرابة تحتاج إلى مودة، والمودة لا تحتاج إلى قرابة.
قال حبيب الطائي:
ولقد سبرت الناس ثم خبرتهم * ووصفت ما وصفوا من الأسباب فإذا القرابة لا تقرب قاطعا * وإذا المودة أقرب الأنساب وقالت الحكماء: القريب من قرب نفعه، وانتفى ضره.
وقال المبرد: