عن سخط الله وعذابه على نحو اليقين والقطع يتوقف على العمل بما أوجب الله عليه، وترك ما حرم الله ونهاه عنه، فعلى هذا يقال إن حقيقة التقوى في اللغة والعرف والشرع، هو صون النفس عن توجه الأذى والألم إليها، والتحرز عن الضرر وما لا يلائم النفس، وهذا المعنى لا يكون مقطوعا به للمكلف الا إذا أتى بالواجبات وترك المحرمات.
وقال السمي العلامة (المجلسي) قدس سره: التقوى في اللغة، فرط الصيانة، وفي العرف هي صيانة النفس عما يضرها في الآخرة، وقصرها على ما ينفعها فيها، ولها ثلاث مراتب، الأولى: وقاية النفس عن العذاب المخلد بتصحيح العقائد الايمانية، والثانية: التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك، وهو المعروف عند الشرع، والثالثة: التوقي عن كل ما يشغل القلب عن الحق، وهذه درجة الخواص، بل خاص الخاص.
أقول: ولعل هذه المرتبة مراد رسول الله (ص) من قوله: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع مالا بأس به حذرا مما به الباس.
وكذلك مقصود أمير المؤمنين (ع) هي المرتبة الثالثة من قوله (ع) حينما سئل عن التقوى، فقال عليه السلام ما معناه: المتقي هو الذي لو وضع عمله على طبق مكشوف، ويدور به على العالمين، لم يكن فيه ما يستخفي به، ويستحيى منه (2).
وأيضا الظاهر أن هذه المرتبة هي التي أرادها الإمام الصادق (ع) لما سئل عن التقوى فقال: أن لا يفقدك حيث أمرك، ولا يراك حيث نهاك (3).