وقال عليه السلام في هذه الوصية (67) يا بني البغي سائق إلى الحين (68) لن يهلك امرؤ عرف قدره (69)، من حصن (حظر خ) شهوته صان قدره، قيمة كل امرئ ما يحسن (70) الاعتبار يفيدك الرشاد، أشرف الغنى ترك
(٦٧) من هنا إلى آخر الوصية رواها الصدوق (ره) بلا حذف، واسقاط شئ منها، على ما هو الظاهر من كلامه.
(٦٨) الحين - كزين وشين ومين -: المحنة. الهلاك.
(٦٩) قريب منه ذكره السيد (ره)، في المختار ٩٩، من باب الخطب، والمختار ١٤٨، من باب القصار من النهج.
وهذا مما تواتر عنه (ع)، وقد أشرنا غير مرة إلى أن جل ما في هذه الوصية مذكور في خطبة الوسيلة وفى وصيته (ع) إلى الامام المجتبى (ع).
(70) يحسن - من الاحسان - بمعنى العلم، ومراده (ع) ان قيمة المرء تدور مدار علمه، فمن لاعلم له فلا قيمة له، وقيمة العالم أيضا بمقدار قيمة علمه كما وكيفا. وقال الفيض (ره) في شرح الكلام: يعني تزيد قيمة المرء بزيادة علمه كما وكيفا، ولا شك ان شرف العلم بشرف المعلوم، فالعالم بعظمة الله وجلاله أعظم قدرا من العالم بأحكامه، وكذلك في سائر العلوم، وما كان المقصود منه الدنيا فقيمته ما يحصل له في الدنيا، وماله في الآخرة من نصيب سوى الحسرة والندامة.
أقول: هذا الكلام الشريف مما أطبقت الأمة جمعاء على صدوره من أمير المؤمنين (ع) وانه (ع) أبو عذرته، وانه اجل تعبير ينبئ عن وزن العالم، ويكشف عن سمو مقامه، وللعلماء والشعراء كلم نافعة، وإفادات جيدة في نفاسة هذا الكلام وشرافته، نشير إليها في مناهج البلاغة، في شواهد المختار 81، من قصار نهج البلاغة انشاء الله تعالى.