المائدة العاشرة:
في نقل من أقوال الحكماء والامراء وذوي التجارب والعلماء في الصمت والكلام.
اجتمع أربعة من الحكماء: من الروم، والفرس، والهند، والصين، فقال أحدهم: أنا أندم على ما قلت، ولا أندم على ما لم أقل. وقال الآخر : إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلم ملكتها ولم تملكني. وقال الآخر: عجبت للمتكلم ان رجعت عليه كلمته ضرته، وان لم ترجع لم تنفعه. وقال الرابع: أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت.
وقال بعض الحكماء: حظي من الصمت لي، ونفعه مقصور علي، وحظي من الكلام لغيري، ووباله راجع إلي.
وقالوا: إذا أعجبك الكلام فاصمت.
وقال ابن مسكويه (ره)، في الحكمة الخالدة، 171: أمر بعض الملوك أن يستخرج له كلمات من الحكمة ليعمل بها، فاستخرجت له أربعون الف كلمة، فاستكثرها، فاختير منها أربعة آلاف كلمة، ثم لم يزل ينقص منها حتى رجعت إلى أربع كلمات، وهي: لا تثقن بامرأة، لا تحملن معدتك فوق طاقتها، احفظ لسانك، خذ من كل شئ ما كفاك.
وقالوا: سعد من لسانه صموت، وكلامه قوت.
وقالوا: إذا سكت عن الجاهل فقد أوسعته جوابا، وأوجعته عقابا.
وقالوا: إعراضك صون أعراضك.
وكان يحيى بن خالد يقول: ما جلس إلي أحد قط الا هبته حتى يتكلم، فإذا تكلم اما أن تزداد تلك الهيبة، أو تنقص.
وكان يقال: لا خير في الحياة الا لصوت واع، أو ناطق محسن.