العائدة السادسة:
فيما قاله الحكماء والامراء في حقوق الاخوان، وفيمن ينبغي أخوته.
قالوا: الاخوان ثلاثة، فأخ يخلص لك وده، ويبذل لك رفده، ويستفرغ في مهمك جهده، وأخ ذو نية يقتصر بك على حسن نيته دون رفده ومعونته، وأخ يتملق لك بلسانه، ويتشاغل عنك بشأنه، ويوسعك عن كذبه وايمانه.
وقيل: إخوان الصفا خير من مكاسب الدنيا، هم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء، ومعونة على الأعداء.
قال الشاعر:
لعمرك ما مال الفتى بذخيرة * ولكن إخوان الصفاء الدخائر وكان يقال: الاخوان ثلاث طبقات، طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه، وطبقة كالدواء يحتاج إليه عند المرض، وطبقة كالداء، لا يحتاج إليه أبدا.
وقال الأحنف: خير الاخوان من أن استغنيت عنه لم يزدك في المودة، وان احتجت إليه لم ينقصك منها وان كوثرت عضدك، وان استرفدت رفدك، وأنشد:
أخوك الذي ان تدعه لملمة * يجبك وان تغضب إلى السيف يغضب وقال بعضهم: إذا بلغني موت أخ كان لي، فكأنما سقط عضو مني.
وكان يقال: صاحبك كرقعة في قميصك، فانظر بم ترقع قميصك.
وقال بعضهم: اثنان ما في الأرض أقل منهما، ولا يزدادان الا قلة، درهم يوضع في حق، وأخ يسكن إليه في الله.
وأوصى بعضهم ابنه فقال: يا بني إذا نازعتك نفسك إلى مصاحبة