به الحمق والبله، ومن صرف عقله إلى غير الحق ظهر به الدهى، وبعض الدهى أبلغ في الشر من كثير من الحمق، وإنما القصد في ذلك ان يصاب الحق، ثم لا يصرف به عن جهته.
اعلم أنه من غابت الحكمة عن عقله عجز عن انفاذ الأمور كما تعجز العين الصحيحة عن رؤية الأشياء عند فقد الضياء، ولا يسلم له حق وان حسنت ولايته، وذلك أنه إن كان جواها افسد جوده التبذير، وسوء موضع الصنيعة وذلك أنه يصرف العطية إلى من لاحق له مع منع ذوي الحق، وإن كان بليغا أفرط في القول، وأخطأ البغية، وإن كان عالما افسد علمه العجب، وإن كان حليما أفسد حلمه الذل والمهانة، وإن كان صموتا أضر بصمته العي، وإن كان لينا بلغ لينه الضعف، فمن فقد الحكمة من أهل الخصال الحسنة ضاعت خصاله، ومن فقدها من غيرهم هلك كل الهلاك، الخ. وهي طويلة أخذنا منها بقدر الحاجة.