وقال الإمام الهادي عليه السلام: الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة.
وعنهم (ع): خذوا الحكمة ولو من ألسنة المشركين.
وقالت الحكماء: لا يطلب الرجل حكمة الا بحكمة عنده. وقالوا:
إذا وجدتم الحكمة مطروحة على السكك فخذوها.
وذكر ابن مسكويه (ره)، في حكم الاسلاميين، من الحكمة الخالدة، ص 285، وصية وفيها: يا طالب الحكمة طهر لها قلبك، وفرغ لها لبك، واجمع إلى النظر فيها همتك، فان الحكمة أعظم المواهب التي وهبها الله لعباده، وأفضل الكرامة التي أكرم الله بها أولياءه، وهي المال الذي من أحرزه استغنى به، ومن عدمه لم يغنه شئ سواه، والصاحب الذي من صحبه في عمره لم يستوحش معه، ومن فارقه لم يسكن إلى أحد بعده، هي للقلوب كالقطر للنبات، ومن العقول بمنزلة الضياء من الابصار، بطنت الحكمة لكل شئ، وظهرت عليه، وعلت فوقه، وأحاطت به، فلها بكل شئ خبر، وعندها على كل خبر شهادة، ومن أعظم شأنها أنها ليس أحد الا وهو منتحل اسمها، ومتزين بها ولا حاجة بها إلى انتحال شئ غيرها، ولا التزين بغير زينتها، فان كنت من حملتها ففرغ لها قلبك، وارفع إلى النظر فيها همتك، فإنها أطهر من أن تجامع دنسا، وأنزه من أن تخالط قذرا، فقد رأينا من أراد الغرس في ارضه يبدأ فيقلع ما فيها من غرائب النبت، ثم يأتي بكرائم الغرس فينصبه فيها، وكذلك من طلب الحكمة، ورغب في اقتنائها، فهو حقيق بان يبدأ بما في قلبه من أضوائها فيمحقها ويطهره منها، مثل الهوى والشهوات المردية، ومثل الحقد والحسد، ومحبة الكرامة والتسرع إلى الغضب، وأشباه هذه الأشياء، فإذا تطهر منها استقبل الحكمة فأخذ منها ما استطاع، فإذا أظفرك الله بالحكمة، وزرع فيك بذرها، فلا يكونن زارع أولى بالقيام على زرعه منك، ولا يمنعك بعد غورها، وكثرة أشباهها منها، فإنها من