تصرفهم فيه، دل ذلك على أن الله تعالى لم يرزقهم إياه في الحقيقة، وإذا لم يكن رزقا للغاصب فهو رزق للمغصوب منه، وان حال الغاصب بينه وبينه.
ونقول أيضا: الشئ الذي يصح الانتفاع به إذا استولى عليه غير صاحبه هل يجوز عليه ان يصلي فيه لو كان ملبوسا أو مسكونا، وهل يجب الحج على المسيطر عليه، لأجل انه انتفع به وصار ذا مكنة، وهل تجب الزكاة عليه إذا قلبه فنما وربح حتى بلغ حد النصاب، إلى غير ذلك من الفروع؟!
وليعلم ان النزاع مع الأشاعرة في أمثال المقام لا طائل تحته، بعد اعتقادهم بالجبر، وان جميع ما يصدر من المكلفين فهو على سبيل الاضطرار كاشراق الشمس وحرارة النار، ورطوبة الماء، وان لا صنع ولا اثر الا لله تعالى، وان الظالم مقهور على الظلم ولا يمكنه الكف، فقابيل لم يكن قادرا على ترك قتل هابيل، بل القتل ما صدر من قابيل بل الله هو القاتل، إذ لو كان القتل من قابيل لزم أن يكون في دار الوجود مؤثر غير الله!! وكذا الذي قطع رأس يحيى ووضع المنشار على رأس زكريا هو الله المتفرد بالمؤثرية، والا لزم وجود مؤثر غير الله!! بل جميع الأنبياء والأولياء والصلحاء الذين ابتلوا وأوذوا أشد الايذاء وقتلوا تقتيلا، كان ايذاؤهم وقتلهم من الله!!
بل إن معصية الشيطان واباءه أيضا من الله، والا يلزم وجود مؤثر غير الله!!
وفساد هذا المذهب اظهر من فساد عقيدة النصارى في الأقانيم الثلاثة والقول بالتثليث، واستحالته أوضح من استحالة الدور والخلف والتناقض، فان كنت في شك مما قلنا فارجع إلى كتاب إحقاق الحق للشهيد القاضي نور الله نور الله مرقده، فإنه لأجل اشتماله على كتاب فاضل أهل السنة ابن روزبهان، وغرة بياض علماء الإمامية العلامة الحلي (ره) يجسم ويمثل لك خارجيا دعاوى الطرفين وبراهين الخصمين. وان تراجع كتاب دلائل الصدق أيضا فنعم البديل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.