الريح الفلك المملوء من الجواهر التي أبيد أهلها إليه، أو انشقت الأرض أو الجبال بالزلزال فألقيت الكنوز في حجره، أو غيرها من انحاء الاستيلاء المبيح للانتفاع شرعا وعقلا، فإذا حدثت هذه العلاقة بين شخص وما أعده الله للانتفاع به، فلا يكون رزقا لغير صاحب العلاقة، ولا يجوز في حال الاختيار الانتفاع به من دون رضا صاحبه، فمن حال بينه وبين ذي العلاقة فهو ظالم، وجميع انتفاعاته حرام، وفاعله مستحق للعقوبة، وحينئذ نسأل الأشاعرة القائلين: بان الرزق ما أكل ولو كان حراما. أو ما ساقه الله إلى الحيوان فانتفع به (102)، ونقول لهم: هل مجرد الاكل والانتفاع من طعام أحد أو ماله يوجب سلب علاقته منه، وايجاد علاقة مماثلة لتلك العلاقة للاكل والمنتفع؟! فحينئذ جميع الغاصبين والظالمين يأكلون أرزاقهم، فما معنى قوله تعالى: " ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا "؟؟! وما معنى قوله تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله "؟؟!
فلو كان الغاصب والسارق قد أخذا ما رزقهما الله تعالى وساقه اليهما لكان المطالب له برد ما أخذا ظالما لهما، ولم يجز في شريعة العدل ان يعاقبا عليه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل كانا ممدوحين على انفاقهما منه، كما مدح الله تعالى من انفقه من حل، فقال: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عندهم ربهم ومغفرة ورزق كريم " فجعل انفاق الرزق من صفات المؤمنين، فلما لم يكن للغاصبين انفاق ما اغتصبوه وكانوا مذمومين عليه معاقبين على