اما في صورة استعظام جهاته الشخصية باعتقاد عظمتها مع كون اعتقاده جهلا مركبا ومخالفا للواقع ونفس الامر، فلو فرض انفكاك هذا الاستعظام - المسبب عن العظمة الخيالية - عن تضييع حقوق الخالق والخلائق، فلا دليل على قبحه فضلا عن كونه من المهلكات والأدواء الدوية. واما لو استعظم نفسه وحيثياته الشخصية بلا تضييع للحقوق وتفريط وتقصير في وظائفه مع كون استعظامه في محله، بأن يكون جهاته عظيمة واقعا وحقيقة، فلا يمكن عقلا ولا شرعا أن يكون هذا من العجب ويعد منه. اما عقلا فلان هذا الاستعظام - المسبب عن العظمة الواقعية - يتولد من ضم صغرى وجدانية إلى كبرى قطعية عقلية أو نقلية كعدم مساواة العالم والجاهل والمطيع والمتمرد، والراضي والكاره، وباذل النفس وباذل المال، ومؤثري غيرهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وحاجة، إلى غير ذلك من الكبريات الصادقة التي لو وجد شئ منها في غيره لكان اللازم عليه عقلا وشرعا الاذعان بجلالة قدره، وان له عند الله زلفى حسن مآب، فلو أحس الانسان بشئ منها من نفسه، لا يمكن تكليفه بوجوب اذعانه بخلاف ما تنتج القضية العقلية، أو بعدم اعتقاده لما استنتج منها، فإذا لم يمكن الزامه على خلاف ما استفاد من القضية، فالاعتقاد على وفاقه بما انه دليل بديهي عقلي قهري.
واما شرعا فالقرآن الكريم مشحون بعدم المساواة بين الجاهل والعالم، بل القرآن المقدس لوح إلى أن عدم المساواة بين الفاضل والمفضول أمر فطري، فقال على سبيل الاستنكار في الآية التاسعة من سورة الزمر: " أمن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ".
وقال تعالى في الآية 15 و 18 من سورة الرعد: " قل هل يستوي الأعمى والبصير، أم هل تستوي الظلمات والنور. الخ " " أفمن يعلم إنما انزل