حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وقسطت أخرى، ومرق آخرون (30) كأنهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) [83 / القصص: 28] بلى والله لقد سمعوها ووعوها [و] لكن إحلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها (31).
(30) هذا الصواب الموافق لما في النهج: (فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون). وفي المطبوع من كتاب علل الشرائع:
(وفسقت أخرى) والظاهر أنها من تصحيف الناسخين إذ لا تقابل بين نكثت ومرقت وفسقت، لأن النكث والمروق داخلان تحت الفسق ومن أقسامه فلا ينبغي أن يجعل قسما لهما، فالصحيح هو ما ذكرناه، والطوائف الثلاث - وهم طلحة والزبير ومعاوية وأصحابه وإن اشتركت في الانحراف وعدم الاستقامة على جادة الشريعة ولكن أخص أوصاف كل واحد منهم وميزها عن الآخر هو ما ذكره عليه السلام وهذا البيان مأخوذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دلائل صدقه في دعواه حيث أخبر عن صفة القوم قبل وقته بما يقرب أربعين سنة في قوله المتواتر بين المسلمين: (يا علي ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين).
(31) وفي النهج: (ولكن حليت الدنيا...). وهما بمعنى واحد أي صارت الدنيا حلوا لذيذا في مذاقهم ورأوها محلاة بحلية تشتهيه أنفسهم فرغبوا فيها وركنوا إليها. و (راقهم) من باب قال -: أعجبهم.
و (الزبرج) الزينة. وقيل: الزبرج: الذهب.