ثم ليعلم أن الخطبة الشريفة قد رواها جماعة كثيرة من علماء السنة والإمامية ومن عجائب الدهر أنه مع كثرة الدواعي على إخفاء أمثال هذا الكلام، واستقرار ديدنهم على تغطيته وستره، وتمزيق أصله وإحراق مصادره، ومع ذلك كله قد تجلى في أفق كتب كثير من أهل الإنصاف من علماء أهل السنة، وتلألأ بدره التم بحيث ينفذ شعاعه في حاسة العميان فضلا عن أهل البصائر والضمائر، فرواها الحافظان ابن مردويه، والطبراني - كما يأتي - ورواها ابن الخشاب عبد الله بن أحمد واعترف بأنها من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وأنه وجدها في كتب العلماء وأهل الأدب بخطوطهم قبل أن يخلق الرضي بمأتي سنة، كما ذكره عنه ابن أبي الحديد في شرح الخطبة، وكذلك ذكر ابن أبي الحديد في الشرح: ج 1 ص 69: أنه وجد كثيرا من ألفاظ الخطبة في تصانيف إمام البغداديين من المعتزلة الشيخ أبي القاسم البلخي، وأيضا رواها سبط ابن الجوزي يوسف بن قزغلي الحنفي في أول الباب السادس من كتاب تذكرة الخواص ص 133، عن شيخه أبي القاسم النفيس الأنباري، ثم ذكر الخطبة بما يستفاد منه تعدد الطرق لها. ورواها أيضا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري المتوفي عام 382، كما رواها عنه الشيخ الصدوق في علل الشرائع ومعاني الأخبار، وكذلك العلامة الحلي في المطلب الخامس من كتاب كشف الحق: ج 2 ص 40، وكذلك نقلها عنه في المقدمة الثالثة من كتاب الدرجات الرفيعة، ص 37. ورواها أيضا أبو علي الجبائي وأبو هلال العسكري الحسن بن عبد الله بن سهل المتوفي بعد سنة 395. في كتاب الأوائل كما نقل عنه في إحقاق الحق نقلا عن هدية الأحباب. وكثيرا منها ذكره الأدباء واللغويون، فذكر قطعا منها في مادة:
جذ وحذ وحضن ونفج ونفخ وشقشق من القاموس ولسان العرب وتاج العروس، ومجمع الأمثال: ص 169.