وسمها به من العجز على قدرته (3) وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه (4).
لم يخل منه مكان فيدرك بأينيته (5) ولا له شبه مثال فيوصف بكيفيته (6) ولم يغب عن علمه شئ فيعلم بحيثيته (7).
(3) الوسم - كفلس -: الكي شبه عليه السلام ما أظهر الله على الأشياء من آثار العجز والامكان والاحتياج بالسمة التي تكون على العبيد والنعم دلالة على مملوكيتها ومقهوريتها.
(4) إذ فناء الأشياء يدل على امكانها وحدوثها فيدل على احتياجها إلى صانع ليس كذلك.
(5) أي ليس ذا مكان حتى يكون في مكان دون مكان كما هو من لوازم المتمكنات - فيدرك بأنه ذو أين ومكان، بل هو تعالى مجرد نسبته إلى جميع الأمكنة على السواء، ولم يخل منه مكان من حيث الإحاطة العلمية والعلية والحفظ والتربية. أو أنه لم يخل منه مكان حتى يكون إدراكه بالوصول إلى مكانه بل آثاره ظاهرة في كل شئ.
(6) أضافة الشبه إلى المثال بيانية أي ليس له شبح مماثل له، لا في الخارج ولا في الأذهان حتى يوصف بأنه ذو كيفية من الكيفيات الجسمانية أو الامكانية. ويحتمل أن يكون المراد بالكيفية: الصورة العلمية.
(7) وفي عيون الأخبار: (ولم يغب عن شئ فيعلم بحيثته) أي لم يغب عن شئ من حيث العلم حتى يعلم أنه ذو حيث ومكان إذ شأن المكانيات أن يغيبوا عن أشياء ليست مجاورا له فلا يحيطوا بها علما. فيكون كالتأكيد للفقرة السابقة. ويحتمل أن يكون (حيث) هنا للزمان على ما قاله الأخفش أي لم يغب عن شئ بالعدم ليكون وجوده مخصوصا بزمان دون زمان.
ويحتمل على هذا أن يكون إشارة إلى ما قيل من أنه تعالى لما كان خارجا عن الزمان فجميع الأزمنة حاضرة عنده كخيط مع ما فيه من الزمانيات وإنما يغيب شئ عما لم يأت إذا كان داخلا في الزمان. ويحتمل أن تكون الحيثية تعليلية أي لم يجهل شيئا فيكون علمه به معللا بعلة. وعلى هذا يمكن أن يقرأ (يعلم) على بناء المعلوم.