وبين عينيه سجادة، فجلس وخرج أبو جعفر عليه السلام من الحجرة، وعليه قميص قصب، ورداء قصب، ونعل جدد (1) بيضاء.
فقام عبد الله، فاستقبله وقبل بين عينيه، وقام الشيعة، وقعد أبو جعفر عليه السلام على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض وقد تحيروا لصغر سنه فابتدر رجل من القوم، فقال لعمه: أصلحك الله، ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ فقال: تقطع يمينه ويضرب الحد. فغضب أبو جعفر عليه السلام ثم نظر إليه، فقال: يا عم! اتق الله! اتق الله!، إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عز وجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لاتعلم؟
فقال له عمه: أستغفر الله يا سيدي، أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟
فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها.
فقال أبي: تقطع يمينه للنبش، ويضرب حد الزنا، فإن حرمة الميتة كحرمة الحية.
فقال: صدقت يا سيدي، وأنا أستغفر الله.
فتعجب الناس، فقالوا: يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك؟
فقال: نعم!
فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة فأجابهم فيها وله تسع سنين (2).