فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك وهو ابن ثلاث سنين؟!
فقال عليه السلام وما يضره ذلك؟ قد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن سنتين.
ولما قبض الرضا عليه السلام كان سن أبي جعفر عليه السلام نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد وفي الأمصار، واجتمع الريان بن الصلت، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن حكيم، وعبد الرحمان بن حجاج، ويونس بن عبد الرحمان، وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار عبد الرحمان بن الحجاج في بركة زلول (1) يبكون ويتوجعون من المصيبة.
فقال لهم يونس بن عبد الرحمان: دعوا البكاء! من لهذا الأمر؟ وإلى من نقصد بالمسائل إلى أن يكبر هذا؟ يعني أبا جعفر عليه السلام.
فقام إليه الريان بن الصلت، ووضع يده في حلقه، ولم يزل يلطمه، ويقول له:
أنت تظهر الأيمان لنا، وتبطن الشك والشرك، إن كان أمره من الله، فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم وفوقه، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس، هذا مما ينبغي أن يفكر فيه.
فأقبلت العصابة عليه تعذله وتوبخه، وكان وقت الموسم، فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا، فخرجوا إلى الحج، وقصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر عليه السلام. فلما وافوا، أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام لأنها كانت فارغة، ودخلوها وجلسوا على بساط كبير، وخرج إليهم عبد الله بن موسى، (2) فجلس، وقام مناد وقال: هذا ابن رسول الله، فمن أراد السؤال فليسأله.