فقال: البشرى يا أمير المؤمنين!
قال: لك البشرى! فما عندك؟
قال ياسر: دخلت عليه، فإذا هو جالس وعليه قميص ودواج، وهو يستاك، فسلمت عليه وقلت: يا ابن رسول الله، أحب أن تهب لي قميصك هذا أصلي فيه وأتبرك به. وإنما أردت أن أنظر إليه وإلى جسده هل به أثر السيف، فوالله كأنه العاج الذي مسه صفرة، ما به أثر.
فبكى المأمون طويلا، وقال: ما بقي مع هذا شئ، إن هذا لعبرة للأولين والآخرين.
وقال: يا ياسر! أما ركوبي إليه وأخذي السيف ودخولي عليه، فإني ذاكر له، وخروجي عنه فلست أذكر شيئا غيره، ولا أذكر أيضا انصرافي إلى مجلسي، فكيف كان أمري وذهابي إليه، لعن الله على هذه الابنة لعنا وبيلا.
تقدم إليها وقل لها: يقول لك أبوك: والله! لئن جئتني بعد هذا اليوم، وشكوت منه أو خرجت بغير إذنه، لأنتقمن له منك.
ثم سر إلى ابن الرضا، وأبلغه عني السلام، واحمل إليه عشرين ألف دينار، وقدم إليه الشهري الذي ركبته البارحة.
ثم مر بعد ذلك الهاشميين أن يدخلوا عليه، بالسلام، ويسلموا عليه.
قال ياسر: فأمرت لهم بذلك، ودخلت أنا أيضا معهم وسلمت عليه، وأبلغت التسليم، ووضعت المال بين يديه، وعرضت الشهري عليه.
فنظر عليه السلام إليه ساعة، ثم تبسم فقال: يا ياسر! هكذا كان العهد بيننا وبينه، حتى يهجم علي بالسيف؟! أما علم أن لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه؟
فقلت: يا سيدي! يا ابن رسول الله! دع عنك هذا العتاب، واصفح والله، وحق جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان يعقل شيئا من أمره، وما علم أين هو من