فقال: ويحك يا ابن العم! فمن يركب إلي الليلة في خدمة بالساعة الثامنة من الليل، وقد وصل الشرب والطرب إلى ذلك الوقت، وأظهره بشوقه إلى أم الفضل، فيركب ويدخل إلي ويقصد إلى ابنته أم الفضل، وقد وعدها أنها تبات في الحجرة الفلانية في بعد مرقدي بحجرة نومي.
فإذا دخل داري عدل إليها وعهد الخدم ليدخلون إلى مرقدي، فيقولون: إن مولانا المأمون منا، ويشهروا سيوفهم، ويحلفوا أنه لابد نقتله، فأين يحرب منا، ويظهرون إلي.
ويكون هذا الكلام إشعارهم.
فيضعون سيوفهم على مرقدي ويفعلون كفعل غيلانه في أبي، فلا يضرني ذلك، ولاتصل أيديهم إلي.
ويخيل لهم أنه فعل حق، وهو باطل، ويخرجون مخضبين الثياب، قطرة سيوفهم دما كذبا.
ويدخلون على المأمون وهو عند ابنته في داري، فيقول: ما وراؤكم؟ فيروه أسيافهم تقطر دما، وثيابهم وأيديهم مضرجة بالدم.
فتقول أم الفضل: أين قتلتموه؟
فيقولون لها: في مرقده.
فتقول لهم: ما علامة مرقده؟
فيصفون لها، فتقول: إي والله! هو، فتقدم إلى رأس أبيها فتقبله وتقول:
الحمد لله الذي أراحك من هذا الساحر الكذاب.
فيقول لها: يا ابنة! لا تعجلي، فقد كان لأبيه علي بن موسى هذا الفعل، فأمرته تفتح الأبواب وقعدت للتعزية، ولقد قتله خدمي أشد من هذه القتلة، ثم ثاب إلى عقلي.