ويطرق أبواب عبادي وهي مغلقة؟ ويترك بابي وهو مفتوح؟ فمن ذا الذي رجاني لكثير جرمه فخيبت رجاءه؟ جعلت آمال عبادي متصلة بي، وجعلت رجاءهم مذخورا لهم عندي، وملأت سماواتي ممن لا يمل تسبيحي، وأمرت ملائكتي أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي، ألم يعلم من فدحته نائبة من نوائبي أن لا يملك أحد كشفها إلا بإذني؟ فلم يعرض العبد بأمله عني وقد أعطيته ما لم يسألني فلم يسألني وسأل غيري؟ أفتراني أبتدئ خلقي من غير مسألة ثم اسأل فلا اجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أو ليس الدنيا والآخرة لي؟ أو ليس الكرم والجود صفتي؟ أو ليس الفضل والرحمة بيدي؟
أو ليس الآمال لا ينتهي إلا إلي؟ فمن يقطعها دوني؟ وما عسى أن يؤمل المؤملون من سواي؟ وعزتي وجلالي لو جمعت آمال أهل الأرض والسماء ثم أعطيت كل واحد منهم ما نقص من ملكي بعض عضو الذرة، وكيف ينقص نائل أنا أفضته؟ يا بؤسا للقانطين من رحمتي يا بؤسا لمن عصاني وتوثب على محارمي ولم يراقبني واجترأ علي.
ثم قال عليه وعلى آله السلام لي: يا نوف ادع بهذا الدعاء:
إلهي إن حمدتك فبمواهبك، وإن مجدتك فبمرادك، وإن قدستك فبقوتك، وإن هللتك فبقدرتك، وإن نظرت فإلى رحمتك، وإن عضضت فعلى نعمتك.
إلهي انه من لم يشغله الولوع بذكرك ولم يزوه السفر بقربك كانت حياته عليه ميتة وميتته عليه حسرة. الهي تناهيت أبصار الناظرين إليك بسرائر القلوب، وطالعت أصغى السامعين لك نجيات الصدور، فلم يلق أبصارهم رد دون ما يريدون، هتكت بينك وبينهم حجب الغفلة فسكنوا في نورك وتنفسوا بروحك، فصارت قلوبهم مغارسا لهيبتك وأبصارهم ما كفا لقدرتك، وقربت أرواحهم من قدسك فجالسوا اسمك بوقار المجالسة وخضوع المخاطبة فأقبلت إليهم إقبال الشفيق أنصت لهم إنصات الرفيق وأجبتهم إجابات الأحباء وناجيتهم مناجاة الأخلاء، فبلغ بي محل الذي إليه