كان هذا معنى التأويل في اللغة وتلك أمثلة من موارد استعماله، واستعار الصحابة والتابعون لفظ التأويل وسموا تغيير الاحكام بالتأويل، ومن ثم أصبح للتأويل في عرف مدرسة الخلفاء معنى جديد.
قال ابن الأثير: التأويل من آل الشئ يؤل إلى كذا، أي رجع وصار إليه، والمراد بالتأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ 1.
هكذا غيروا مدلول اللفظ وانتشر هذا التغيير في كتب الحديث، فقد قال البخاري في كتاب الأدب من صحيحه: " باب من أكفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال ". و " باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا وجاهلا " 2.
وفي شرح " باب ما جاء في المتأولين " من فتح الباري: والحال ان من أكفر المسلم نظر، فإن كان بغير تأويل، استحق الذم، وربما كان هو الكافر، وإن كان بتأويل نظر، إن كان غير سائغ استحق الذم ولا يصل إلى الكفر بل يبين له وجه خطئه ويزجر بما يليق به، ولا يلتحق بالأول عند الجمهور وإن كان - تكفيره - بتأويل سائغ لم يستحق الذم، بل تقام عليه الحجة حتى يرجع إلى الصواب.
قال العلماء: كل متأول معذور بتأويله، ليس بآثم إذا كان تأويله سائغا في لسان العرب، وكان له وجه في العلم 3.
هكذا طوروا مدلول التأويل، وأخيرا سموا موارد التأويل في عرفهم بالاجتهاد وسندرس في ما يأتي المجتهدين في العصر الأول وموارد اجتهادهم.