ذلك شاهد محسوس، فراجع:
رابعا: في الأعم الأغلب يذكر المصنف سلسلة سند الحديث في كل الأبواب والكتب إلا ما ندر، وأحيانا يعول السند على ما سبقه، وأحيانا أخرى لا يذكره إذا سبق له ذكر في أحد الأبواب المتقدمة، لذا توهم البعض أنها - في تلك الموارد - مرسلة أو مقطوعة، والمتتبع لأسانيد الكتاب يجد هذه النكتة المهمة.
فالشيخ في أسلوبه هذا يلفت الباحث والعالم إلى السند قبل المتن حتى يكون المستنبط للأحكام على يقين من أمره منذ البداية، وليوفر عليه الوقت، هذا على العكس من كتاب التهذيبين ومن لا يحضره الفقيه، ففي التهذيبين لم يذكر الشيخ الطوسي - قدس سره سند الحديث، بل أنه حذف جملة من السند لغرض الاختصار، ولم يذكر إلا أوله: كمحمد بن يعقوب، أو علي بن إبراهيم، أو أبي علي الأشعري، أو محمد ابن الحسن الصفار... الخ.
فمن الملاحظ أن الشيخ يرجع القارئ في السند إلى رجاله، والذي جعله بعنوان المشيخة، لذا فان الطريق إلى سند الحديث لا يعرف بتمامه إلا بمراجعة المشيخة، والتي جعلها في آخر التهذيبين.
أما الشيخ الصدوق فغالبا يذكر السند، لكن في موارد كثيرة يحذفه ويقتصر على بعضه، كأن يقول: سأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام، أو يقول: روي عن أبي جعفر عليه السلام، أو يقول: روى ابن أبي عمير عن عمار بن مروان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام، أو يقول: روى البزنطي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السلام إلى غير ذلك... ثم يميل الشيخ الصدوق في معرفة تمام السند إلى المشيخة التي ذكرها في آخر " من لا يحضره الفقيه "، إلا أن الملفت أن مشيخة الفقيه أنفع بكثير من مشيخة التهذيبين فإن الصدوق - قدس سره في مشيخته يقول: وما كان فيه عن فلان... فقد روته