واتصل بالمشايخ وأهل الإجازات، وممن لقى الامام وأخذ عنه، بالخصوص وكلاء الناحية المقدسة.
ثالثا: أظهر الشيخ آثار مدرسة أهل البيت في المعقول، وبين في الجزء الأول من الأصول الخصائص العقلية لتلك الآثار، ودورها في البناء العقائدي للطائفة.
وقد يجد القارئ أن الكثير من معتقدات أهل الاعتزال هي عائدة في أصولها إلى الفكر الشيعي الامامي، إلا أن تعدد فرق المعتزلة، وسوء فهمهم لكثير من النصوص، ذهبت إلى تأويلات وتفصيلات قد انحازت بها إلى الباطل، تاركة التراث الاسلامي الذي نقله السلف عن أسلافهم عن المنهل العذب المتمثل بأهل بيت العصمة عليهم السلام، وهكذا بالنسبة لبعض الفرق الشيعية - غير الامامية - إنما أسأت فهم تلك الأحاديث، مما أخرجها عن خط الفرقة الناجية.
وربما يدعي البعض (1) أن الشيخ الكليني هو أميل إلى خط الاعتزال، وخاصة في أصوله، وتبنيه لأحاديث أصالة العقل.
أقول: وذلك وهم، ولا يمكن الاخذ به، لان فكر أهل البيت عليهم السلام بدأ منذ صدر الاسلام بوجود النبي صلى الله عليه وآله بين ظهرانيهم، أما فكرة الاعتزال فإنما ظهرت بوادره في أواخر القرن الأول الهجري، واتسع نطاقه في منتصف القرن الثاني، حتى أصبح المذهب الرسمي للدولة العباسية في زمن المأمون، فالمدة والفاصلة الزمنية بين نشوء فكر الاعتزال ومذهب أهل البيت كبيرة جدا، وقد ذكرنا بعض تلك الشواهد فيما تقدم، وبالخصوص فيما جرى بين الإمام علي عليه السلام والشيخ الكبير بعد منصرفه من حرب صفين، وهكذا ما جرى بين أئمة الهدى وبعض الزنادقة، ومناظراتهم في