أما إذا كانت حادثة وحلت في الذات، فهذا يعني أن الذات تغيرت من حال إلى حال، أي من حال عدم العلم إلى حال العلم، والتغير حادث، لهذا لا بد أن تكون الذات حادثة بصفاتها، وهذا أيضا لا يتفق مع كماله تعالى. لهذا نفوا عنه تعالى كل الصفات وقالوا بالتوحيد الكامل.
لكن لا يخلو كلامهم هنا من اشتباه ومغالطة، ولعلمائنا في هذا ونظائره أجوبة شافية، وردود مقنعة، وكلام صائب في مثل هذه المسائل، فراجع.
ثم قالوا: إن الصفات إذا أطلقنا تجوزا فهي ليست حقيقية في الذات ومتميزة عنها، بل هي الذات نفسها.
كما أن المعتزلة - مثلا - ترى علم الله هو الله، أي أن الله يعلم نفسه، وأن نفسه ليست بذي غاية ولا نهاية، ويستخلصون من ذلك: أن علم الله لا متناهي، كما أن الذات لا متناهية، وهذا ما ذهب إليه أبو الهذيل العلاف، ويدعي الأشعري في " المقالات ": ص 485 أن العلاف أخذ هذا المعنى عن أرسطو في مقالته الثانية عشر من كتاب " ما بعد الطبيعة ".
ولما اعترفوا بقدم ذات الله، وأن علمه هو ذاته، فإن علمه أيضا قديم. ثم قالوا: بما أن العالم جزء من علمه ومرتبط به، إذا العالم متصف بالقدم أيضا، لأنه جزء من موضوع علم الله، وحادثا من حيث أنه متحقق في الزمان، أما الجواهر والاعراض في حال العدم فهي لم تزل معلومة من الله، إذا كل ما يعلمه الله قديم.
أما قدرة الله فهي مثل علمه تهيمن على كل شئ، وقدرة الانسان مرتبطة بعلم الله من جهة، ومن جهة أخرى أن لنا حرية الاختيار، وأن عدل الله يضطرنا إلى القول بهذه الحرية، لكننا نجهل ما قدره الله لنا، كما نجهل علمه فينا.
ثم قالوا: إن الله هل مكلف بفعل الأصلح؟ أجابوا بالاثبات، وقالوا: إنه