لا يوصف بالقدرة على ترك الأصلح، وأنه لا يفعل إلا الخير، ولا يمكنه أن يفعل الشر، وهذا قول النظام، وقيل: إنه أخذه من الفلسفة المانوية، حيث تثبت للعالم إلهين: إله الخير وإله الشر، فالخير لا يصدر الا عن إله الخير، والشر لا يصدر إلا عن إله الشر، فهؤلاء هم القائلون بالاثنينية.
وبمثل ما تحدثوا في فعل الله تعالى للأصلح والخير، تحدثوا في مسألة الظلم، هل يمكن أن يفعل الله الظلم أم لا يمكنه؟
كيفما كان فهم ينفون عنه الظلم، وعند ما ينفون عنه الظلم يستخلصون نتيجة وهي: أن الانسان يكون مطيعا بمحض ارادته، ويكون كافرا أيضا بمحض إرادته، ولا قدرة لله في ذلك.
وبمثل ما تقدم في العلم والقدرة على الخير والأصلح، تحدثوا عن الإرادة، وقالوا: إن إرادة الله تعالى غير إرادتنا، لان إرادة الله من الاعتبارات الذهنية، وهي قديمة بقدم ذاته، غير أن المدرسة البغدادية تقول: إن إرادته أزلية، أما البصريون فيقولون: إنه تعالى مريد بإرادة حادثة لا في محل.
ومهما يكن من اختلاف بينهم فهم القائلون بأن إرادة الله سابقة على خلق العالم، وعلى هذا يتعين أنهم فرقوا بين إرادة الله وموضوع الإرادة.
أما كلام الله يقرره المعتزلة أنه حادث وليس أزلي، لهذا قالوا بخلق القرآن، مدعين أنه لو كان - كلامه - أزليا لوجب إثبات أمر، ونهي، وخبر، واستخبار في الأزل، وهذا محال، لعدة أسباب منها:
أولا: محال أن يكون أمره ونهيه أزليا.
ثانيا: استحالة كلامه مع نفسه.
ثالثا: لو كان كلامه قديما لكان من صفاته، وصفاته هي اعتبارات ذهنية