(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم * ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد * وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) (الحج: 52 - 54).
وزعموا أن معنى الآية: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى، يعني: الا إذا تلا، أي قرأ كتاب الله، القى الشيطان في أمنيته، أي في قراءته، فينسخ الله ما يلقي الشيطان. هكذا زعموا!
ولفهم مغزى الآيات ينبغي ان نرجع إلى اللغة العربية والى ما ورد في القرآن الكريم من مادة الأمنية، ولنرى فيم استعملت كلمتا الأمنية والتمني.
فنقول: أما الأمنية فهي من مادة " منى ": تمنى الشئ المحبوب، يعني:
رغب في أن يناله، وحدثته نفسه بوقوعه. والأمنية: ما يرغب فيه المرء ويتشهاه، وتجمع على الأماني.
هكذا ورد معنى الكلمة في معاجم اللغة العربية، أما موارد استعمالها في القرآن الكريم: فقد ورد في سورة النجم الآية 24 بنفسي المعنى: (أم للانسان ما تمنى * فلله الآخرة والأولى). وليس معناه: أم للانسان ما قرأ، بل ما اشتهته النفس.
وفي سورة القصص - أيضا - بعد أن يتحدث عن قارون وما أوتي من المال، وكيف خرج على قومه في زينته، قال: (قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون انه لذو حظ عظيم) - إلى قوله تعالى -: (وخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين " وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط