وقال في تأويل قوله: (ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد) (الحج: 53): يقول تعالى ذكره: (فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته) كي يجعل ما يلقي الشيطان في أمنية نبيه من الباطل، كقول النبي (ص): " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي " فتنة، يقول: اختبارا، يختبر به الذين في قلوبهم مرض من النفاق، وذلك الشك في صدق رسول الله (ص) وحقيقة ما يخبرهم به.
ثم روى عن قتادة، قال:
إن النبي (ص) كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين، فألقى الشيطان في أمنيته، فقال: إن الآلهة التي تدعى، ان شفاعتها لترتجي، وإنها للغرانيق العلى، فنسخ الله ذلك، واحكم الله آياته (أفرأيتم اللات والعزى)، حتى بلغ (من سلطان) قال قتادة: لما ألقى الشيطان ما ألقى، قال المشركون: قد ذكر الله آلهتهم بخير، ففرحوا بذلك، فذكر قوله: (ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض).
وقال في تفسير قوله تعالى:
(وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) (الحج: 54):
يقول تعالى ذكره: وكي يعلم أهل العلم بالله أن الذي أنزله الله من آياته التي أحكمها لرسوله ونسخ ما القى الشيطان فيه انه الحق من عند ربك - يا محمد - فيؤمنوا به. يقول: فيصدقوا به (فتخبت له قلوبهم)، يقول: فتخضع للقرآن قلوبهم وتذعن بالتصديق به، والاقرار بما فيه (وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) وإن الله لمرشد الذين آمنوا بالله ورسوله إلى الحق القاصد والحق الواضح، بنسخ ما ألقى الشيطان في أمنية رسوله، فلا يضرهم كيد الشيطان