وطلاقه صلى الله عليه وسلم حفصة ثم أمر سبحانه وتعالى أن يراجعها فإنها صوامة قوامة. وبه يبطل قول القائلين: لا يباح إلا لكبر، لطلاق سودة، أو ريبة، فإن طلاقه حفصة لم يقرن بواحد منهما.
وأما ما روي: لعن الله كل ذواق مطلاق، فمحمله الطلاق بغير حاجة بدليل ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة اختلعت من زوجها بغير نشوز فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ولا يخفى أن كلامهم فيما سيأتي من التعاليل يصرح بأنه محظور، لما فيه من كفران نعمة النكاح وللحديثين المذكورين وغيرهما. وإنما أبيح للحاجة والحاجة ما ذكرنا في بيان سببه، فبين الحكمين منهم تدافع.
والأصح حظره إلا لحاجة للأدلة المذكورة، ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة وهو ظاهر في رواية لأبي داود: ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق، وأن الفعل لا عموم له في الزمان غير أن الحاجة لا تقتصر على الكبر والريبة، فمن الحاجة المبيحة أن يلقى إليه عدم اشتهائها بحيث يعجز أو يتضرر بإكراهه نفسه على جماعها، فهذا إذا وقع فإن كان قادرا على طول غيرها مع استبقائها ورضيت بإقامتها في عصمته بلا وطئ أو بلا قسم فيكره طلاقه كما كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسودة، وإن لم يكن قادرا على طولها أو لم ترض هي بترك حقها فهو مباح لأن مقلب القلوب رب العالمين.
وأما ما روي عن الحسن، وكان قيل له في كثرة تزوجه وطلاقه، فقال: أحب الغنى، قال الله تعالى: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته، فهو رأي منه إن كان على ظاهره! وكل ما نقل عن طلاق الصحابة رضي الله عنهم كطلاق عمر رضي الله عنه أو عاصم وعبد الرحمن بن عوف بن تماضر، والمغيرة بن شعبة الزوجات الأربع