ومن التابعين لهم فرأوا أن الخروج على يزيد وإن كان فاسقا لا يجوز، لما ينشأ من الهرج والدماء فأقصروا عن ذلك ولم يتابعوا الحسين ولا أنكروا عليه ولا أثموه لأنه مجتهد وهو أسوة المجتهدين.
ولا يذهب بك الغلط أن تقول بتأثيم هؤلاء بمخالفة الحسين وقعودهم عن نصره، فإنهم أكثر الصحابة وكانوا مع يزيد ولم يروا الخروج عليه، وكان الحسين يستشهد بهم وهو يقاتل بكربلاء على فضله وحقه ويقول: سلوا جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأنس بن مالك وسهل بن سعيد (سعد. ظ) وزيد بن أرقم وأمثالهم، ولم ينكر عليهم قعودهم عن نصره، ولا تعرض لذلك لعلمه أنه عن اجتهاد منهم كما كان فعله عن اجتهاد منه.
وكذلك لا يذهب بك الغلط أن تقول بتصويب قتله لما كان عن اجتهاد وإن كان هو على اجتهاد، ويكون ذلك كما يحد الشافعي والمالكي والحنفي على شرب النبيذ!.
وأعلم أن الأمر ليس كذلك وقتاله لم يكن عن اجتهاد هؤلاء وإن كان خلافه عن اجتهادهم، وإنما انفرد بقتاله يزيد وأصحابه، ولا تقولن إن يزيد وإن كان فاسقا ولم يجز هؤلاء الخروج عليه فأفعاله عندهم صحيحة.
واعلم أنه إنما ينفذ أعمال الفاسق ما كان مشروعا، وقتال البغاة عندهم من شرطه أن يكون مع الإمام العادل وهو مفقود في مسئلتنا، فلا يجوز قتال الحسين مع يزيد ولا ليزيد، بل هي من فعلاته المؤكدة لفسقه، والحسين فيها شهيد مثاب وهو على حق واجتهاد، والصحابة الذين كانوا مع يزيد على حق أيضا واجتهاد.
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه " بالعواصم والقواصم " ما معناه: أن الحسين قتل بشرع جده، وهو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل، ومن أعدل من الحسين في زمانه